responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 324
عَلَيْكَ
خَبَرٌ، وَالْمُرَادُ بِتِلْكَ الْقُرَى قُرَى الْأَقْوَامِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ وَصَفَهُمْ فِيمَا سَبَقَ، وَهُمْ: قَوْمُ نُوحٍ، وَهُودٍ، وَصَالِحٍ، وَلُوطٍ، وَشُعَيْبٍ، نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَخْبَارِهَا كَيْفَ أُهْلِكَتْ. وَأَمَّا أَخْبَارُ غَيْرِ هَؤُلَاءِ الْأَقْوَامِ، فَلَمْ نَقُصَّهَا عَلَيْكَ، وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّهُ أَنْبَاءَ هَذِهِ الْقُرَى لِأَنَّهُمُ اغْتَرُّوا بِطُولِ الْإِمْهَالِ مَعَ كَثْرَةِ النِّعَمِ فَتَوَهَّمُوا أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ، فَذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى تَنْبِيهًا لِقَوْمِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنِ الِاحْتِرَازِ مِنْ مِثْلِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ.
ثُمَّ عَزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ يُرِيدُ الْأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ فِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ: فَمَا كَانَ أُولَئِكَ الْكُفَّارُ لِيُؤْمِنُوا عِنْدَ إِرْسَالِ الرُّسُلِ بِمَا كَذَّبُوا بِهِ يَوْمَ أَخَذَ مِيثَاقَهُمْ حِينَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ، فَآمَنُوا كُرْهًا، وَأَقَرُّوا بِاللِّسَانِ وَأَضْمَرُوا التَّكْذِيبَ. الثَّانِي: قَالَ الزَّجَّاجُ: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمُعْجِزَاتِ بِمَا كَذَّبُوا بِهِ قَبْلَ رُؤْيَةِ تِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ. الثَّالِثُ: مَا كَانُوا لَوْ أَحْيَيْنَاهُمْ بَعْدَ إِهْلَاكِهِمْ وَرَدَدْنَاهُمْ إِلَى دَارِ التَّكْلِيفِ لِيُؤْمِنُوا بما ما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلِ إِهْلَاكِهِمْ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ [الْأَنْعَامِ: 28] الرَّابِعُ: قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ كَانُوا مُصِرِّينَ عَلَى الْكُفْرِ، فَهَؤُلَاءِ مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بَعْدَ مَجِيءِ الرُّسُلِ أَيْضًا. الْخَامِسُ: لِيُؤْمِنُوا فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ السَّبَبَ فِي عَدَمِ هَذَا الْقَبُولُ فَقَالَ: كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ قَالَ الزَّجَّاجُ:
وَالْكَافُ فِي كَذلِكَ نَصْبٌ، وَالْمَعْنَى: مِثْلَ ذَلِكَ الَّذِي طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ كُفَّارِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ، يَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُؤْمِنُوا أَبَدًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ.

[سورة الأعراف (7) : آية 102]
وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ (102)
فِيهِ أَقْوَالٌ: الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الْوَفَاءَ بِالْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ فِي صُلْبِ آدَمَ، حَيْثُ قَالَ:
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى [الْأَعْرَافِ: 172] فَلَمَّا أَخَذَ اللَّهُ مِنْهُمْ هَذَا الْعَهْدَ وَأَقَرُّوا بِهِ، ثُمَّ خَالَفُوا ذَلِكَ، صَارَ كَأَنَّهُ مَا كَانَ لَهُمْ عَهْدٌ، فَلِهَذَا قَالَ: وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَالثَّانِي: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْعَهْدُ هُنَا الْإِيمَانُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً [مَرْيَمَ: 87] يَعْنِي آمَنَ وَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْعَهْدَ عِبَارَةٌ عَنْ وَضْعِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالْمُرَادُ/ مَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنَ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ أَيْ وَإِنَّ الشَّأْنَ وَالْحَدِيثَ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ فَاسِقِينَ خَارِجِينَ عَنِ الطَّاعَةِ، صارفين عن الدين.

[سورة الأعراف (7) : آية 103]
ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْقِصَّةُ السَّادِسَةُ مِنَ الْقِصَصِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنَ الشَّرْحِ وَالتَّفْصِيلِ مَا لَمْ يَذْكُرْ فِي سَائِرِ الْقِصَصِ، لِأَجْلِ أَنَّ مُعْجِزَاتِ مُوسَى كَانَتْ أَقْوَى مِنْ مُعْجِزَاتِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَجَهْلَ قَوْمِهِ كَانَ أَعْظَمَ وَأَفْحَشَ مِنْ جَهْلِ سَائِرِ الْأَقْوَامِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْكِنَايَةَ فِي قَوْلِهِ: مِنْ بَعْدِهِمْ يَجُوزُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ جَرَى ذِكْرُهُمْ، وَيَجُوزُ ان تعود

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 14  صفحه : 324
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست